|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-03-05
انتشرت صور الاحتفال بزفاف الابن الأصغر للرجل الأغنى في آسيا موكيش أمباني، الحفل يحضره أثرياء ومشاهير العالم، وتنقله وسائل الإعلام أولًا بأول، ويتابعه كل من تشدهم المناسبات التي يتواجد فيها المشاهير. علّقت في نفسي على تكلفة الحفل التي كتب أنها تجاوزت 100 مليون دولار: ألا يوجد في الهند فقراء؟ أليس من الأفضل لو تبرع العروسان بمعظم التكاليف وبنوا مساكن للمحتاجين وتكفلوا بدراسة آلاف الطلبة، ألن يكون هذا تصرفًا خيّرًا؟ لكن صوتًا داخليًا قاطعني قائلًا: شوف من يتكلم؟! تراجعت عن تعليقي فورًا وباركت للعروسين ودعوت الله أن يوفقهما. كان كلامي عن التبرع للفقراء بتكاليف الحفل الضخمة تنظيرًا لا أكثر، فأنا أعرف جزءًا من نفسي جيدًا، وهل سأفعل ما ذكرت فيما لو كنت مكان العريس الثري؟ لن أصدق نفسي لو قالت بأنها ستفعل ما طلبت من العريس أن يفعله، نحن غالبًا ننتقد بدافع من الغيرة أو الحسد أو الجهل، لكننا نغلف انتقاداتنا بديباجات إنسانية لا أكثر، لكي نمرر انتقاداتنا ولكي تبدو مقبولة ولكي تُصدَّق، نحن لن نعرف حقيقة أنفسنا إلا إذا اختبرت اختبارات حقيقية، عدا ذلك وعلى قول الأغنية: شو سهل الحكي! ربما لو كنت مكان العريس لصرفت 200 مليون دولار بدلًا من 100، ولأقمت حفل الزفاف في بلدان عدة بدلًا من بلد واحد. القلة من بين الأكثرية ستفعل ما تدعو له فيما لو أتيحت لها الفرصة، القلة فقط. جمهور الكرة خلف الشاشات يصبحون أفضل من اللاعبين على أرض الملعب، تسمعهم يوجهون اللاعبين: مرر هناك، العب على الطرف، سدد الآن.. سدد. هؤلاء لو أخذناهم ووضعناهم بدلًا من اللاعبين لشاهدنا مقاطع كوميدية يصعب أن يقدمها أشهر كوميدي.
لكي تتعلم لغة عليك أن تبدأ بقواعد اللغة أولًا، لا يمكن أن تحفظ كلمات دون معرفة قواعد استخدامها، هذا ما أعانيه في لغتي الإنجليزية، أحفظ الكثير من الكلمات لكني أستخدم الماضي مضارعًا، والحاضر ماضيًا، هذا مما يجعلني أتهرب من المحادثة بالإنجليزية. بالأمس قرأت خبرًا عجيبًا عن سيدة بريطانية أصيبت بسكتة دماغية لتجد نفسها تتحدث الصينية! يقال بأن حالتها النادرة تسمى «متلازمة اللهجة الأجنبية» ويوجد 150 شخصًا في العالم يعانون منها! كيف حفظ العقل لغة لم يتعلمها؟ المؤكد أننا ما زلنا نقف بعيدًا عن أسرار العقل. سبحان الله.
وليم شكسبير: البعض يولد عظيمًا، والبعض يجتهد فيكون عظيمًا، والبعض يسبب مشقة عظيمة لهؤلاء.