|


الصين.. تتأوه من الفساد.. ومذلة العدو الياباني

الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.09.08 | 02:22 pm

يرمز التنين في الثقافة الشعبية الصينية إلى الخير والحظ الجيد والقوة، كما أنه يعد المسيطر الذي يتحكم بالماء والعوامل الجوية كالأعاصير والأمطار والفيضانات، واستخدم إمبراطور الصين التنين كرمزٍ للقوة والسلطة، ولكن في كرة القدم تعرض الصينيون إلى أكبر هزيمة مذلة في تاريخهم الحديث أمام الجار والعدو اللدود المنتخب الياباني بسباعية نظيفة الثلاثاء الماضي، وكانت إحدى الكوارث الرياضية التي لا تنسى في تاريخ الصينيين.
ويستعمل الصينيون مصطلح «أحفاد التنين» كدليلٍ على الهوية العرقية، وكذلك فهذا المصطلح يمثل اتجاهًا ظهر في عام 1970 عندما شرعت الجنسيات الآسيوية في البحث عن رموز حيوانية لتمثّل كل قومية وبلد، فاستخدم المغول الذئب، واستعمل التيبتيون القرد، فيما اختار الصينيون التنين رمزًا لهم، وأصبحوا أحفاد التنين.
يبدو حلم الرئيس الصيني شي جينبينغ بأن يرى التنين يصبح قوّة عالمية في كرة القدم، أبعد من أي وقت مضى، بعد الفضائح الإدارية والرياضية في البلد صاحب الكثافة السكانية العالية، ولم تكن كارثة خسارة اليابان الأخيرة سوى جرس الإنذار للمسؤولين الصينيين قبل مواجهة الأخضر السعودي الثلاثاء المقبل ضمن الجولة الثانية من التصفيات القارية النهائية المؤهلة إلى مونديال 2026.
لا يُخفي الرئيس شي وهو من مشجّعي كرة القدم، رغبته بأن يرى الصين، الدولة العملاقة اقتصاديًا وديموغرافيًا، تستضيف بطولة كأس العالم وحتى الفوز بها يومًا ما.
وأعاد احتفال اليابانيين بالانتصار الكبير على جيرانهم ذكريات الحروب التاريخية التي جمعت البلدين على مدار القرون الماضيين.
وكان آخرها حادثة جسر ماركو بولو هي معركة حدثت بين الجيشين الصيني والياباني عام 1937 نتيجة توسع اليابان في الأراضي الصينية وضجر السكان من تزايد أعداد الجنود اليابانيين في الصين، فنشب خلاف أدى إلى إطلاق نار عند الجسر تطور إلى حرب بين الجانبين استمرت 8 أعوام وشارك فيها نحو 10 ملايين جندي من الجانبين، وأسفرت عن سقوط أكثر من 22 مليونًا من الضحايا، معظمهم من المدنيين الصينيين، ووصل عدد ضحايا اليابان نحو 2.1 مليون، بينما فقد الجانب الصيني 3.2 مليون.
ولاحقًا تطورت هذه الأحداث، التي عرفت تاريخيًا بأحداث جسر ماركو بولو، وتحولت إلى نزاع عسكري موسع بين الصين واليابان استمر أكثر من 8 أعوام وأسفر عن سقوط ملايين الضحايا.
مع أن لليابان والصين العديد من الروابط إلا أن تاريخ البلدين لم يكن جيدًا وقد كان مليئًا بالحروب بينهما، ومنها الحرب الصينية ـ اليابانية الأولى، وألتي احتلت اليابان خلالها منشوريا الجزء الشمالي الشرقي من الصين، وقد نفذت اليابان في ذلك الوقت حملة إبادة للعديد من الصينيين، راح ضحيتها ملايين الصينيين، ولم تنتهِ الحرب كذلك لأن اليابان احتلت كامل الجزء الشرقي من الصين مع هونج كونج البريطانية في الحرب الصينية اليابانية الثانية خلال الحرب العالمية الثانية، ولم ينتهي الاحتلال إلا في سنة 1945 بهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية.
لم تتأهل الصين المصنّفة 79 عالميًا، سوى مرة واحدة لكأس العالم في 2002. وقد خسر المنتخب الصيني المباريات الثلاث التي خاضها ولم يسجل أي هدف خلالها.
لم تكن الهزيمة الكارثية الأخيرة الفضيحة الأولى التي تهز الكرة الصينية خلال العام الجاري، ولكن سبقها العديد من الأحداث التي تؤكد للمتابعين أن الكرة الصينية على شفا الانهيار بعد أن كشفت تقارير إخبارية صينية في أغسطس الماضي عن أن السلطات القضائية في البلاد أصدرت حكمين بالسجن مع النفاذ العاجل ضد مسؤولين سابقين في الاتحاد الصيني لكرة القدم بتهم تتعلق بتلقي رشاوى وفساد مالي، حيث ارتفع عدد المحكومين بالسجن في قضايا فساد تضرب الاتحاد الصيني لكرة القدم إلى 3 مسؤولين في يوم واحد وذلك بعد الإعلان عن إيقاف نائب رئيس الاتحاد السابق في قضايا مماثلة.
وذكر التلفزيون الصيني الرسمي «سي. سي. تي. في» أن حكمًا بالسجن لسبعة أعوام صدر على هوانج سونج المدير السابق للجنة المسابقات في الاتحاد الصيني لكرة القدم بعد ثبوت تلقيه رشاوى خلال توليه المنصب.
قبل أعوام، احتلّت النوادي الصينية العناوين العريضة في الصحافة بسبب المبالغ الباهظة التي أنفقتها بهدف التعاقد مع لاعبين أجانب. لكن منذ ذلك الحين، اختفت عشرات الفرق بسبب صعوبات مادية وأيضًا سياسة «صفر كوفيد» التي عزلت الصين عن العالم لنحو ثلاثة أعوام.
في نوفمبر من العام 2023 أطلق الرئيس الصيني شي جينبينغ حملة مكافحة الفساد في البلاد والتي تشمل أيضًا أوساط كرة القدم المحلية التي واجه 4 مسؤولين معنيين فيها على الأقل ملاحقات قضائية، أبرزهم رئيس الاتحاد الصيني لكرة القدم تشن شويان الذي يواجه تحقيقًا بشبهة «انتهاكات خطيرة لقواعد السلوك والقانون» بحسب إعلان الهيئة الحكومية المعنية بالشؤون الرياضية هذا الأسبوع، كما استهدف تحقيق أيضًا لي تي، المدرب السابق للمنتخب الصيني.
في داليان الصينية سيكون على الصقر السعودي الحذر من مواجهة التنين الجريح من الخسارة المذلة أمام الجيران، وسيكون مطالبًا بإظهار الوجه الحقيقي له وغسل العار الذي ألحقه بالقميص الأحمر وإعادة الثقة لجماهيره وشعبه الملياري الذي لن يرضى سوى بالحضور في أرض بلاد العم سام بعد عامين.