|


«الفن النبيل».. صراع محتدم.. ومستقبل مجهول

الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، الجمعة، توجه لكمة إلى الصينية يانج ليو بالمباراة النهائية لوزن 66 كجم للسيدات في دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 (الفرنسية)
باريس ـ الفرنسية 2024.08.11 | 03:22 pm

انتهت منافسات الملاكمة في أولمبياد باريس داخل الحلبات، لكن النزال الحقيقي خارجها بدأ الآن وسط شكوك من إدراج رياضة «الفن النبيل» في ألعاب لوس أنجليس 2028، وذلك بعد جدل حول الهوية الجنسية، وضع الملاكمة تحت مجهر التدقيق والتشكيك، والمستقبل المجهول.
ونُظمت منافسات الملاكمة في ألعاب باريس أمام مدرجات اكتظت بالجماهير، بداية في «أرينا نورث باريس» ثم انتقلت إلى ملعب فيليب شاترييه في رولان جاروس، معقل كرة المضرب.
وعلى الرغم من النجاح الجماهيري والتنظيمي، إلّا أن الشكوك تحوم حول إمكانية إدراج الملاكمة في ألعاب لوس أنجليس بعد أربعة أعوام، كان ذلك حتى قبل اندلاع جدل حول الهوية الجنسية لملاكمتين في العاصمة الفرنسية، ما ألقى بظلاله على النزالات في الحلبة، وأضاف مزيدًا من التساؤلات حول مسألة التدقيق وكيفية إدارة الملاكمة.
وقال البريطاني ستيف بانس، الصحافي المخضرم المختص في الملاكمة، لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»: «أعتقد أن هذا أضرّ بالملاكمة الأولمبية في وقت حاسم، حيث لا يزال مستقبلها قيد المناقشة، إنها كارثة مطلقة».
ويتفق مع بانس سبنسر أوليفر الملاكم البريطاني السابق، الذي حضر إلى باريس ناقدًا إذاعيًا، إذ قال: «إنها مجرد فوضى، لأن الملاكمة تعود إلى دائرة الضوء مرة أخرى، لكن هذه المرة للسبب الخطأ».
وفي خضم مشكلات الملاكمة، يبرز النزاع الطويل والمفتوح بين اللجنة الأولمبية الدولية، والاتحاد الدولي للملاكمة بقيادة روسيا.
ولم تُدرج الملاكمة في ألعاب طوكيو 2020 المؤجلة، بسبب تداعيات فيروس كورونا، إلى العام التالي، إلّا بعد تدخل اللجنة الأولمبية الدولية لإدارتها، وتكرر الأمر ذاته في باريس على وقع احتدام الصراع بين الطرفين، وتجميد نشاطات الاتحاد الدولي للملاكمة، ليصبح خارج الحركة الأولمبية.
وحذّر الألماني توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، من أن الاتحادات الوطنية للملاكمة بحاجة إلى إيجاد شريك دولي جديد و«موثوق» للجنة الأولمبية الدولية للتأكد من أن الملاكمة ستظهر مرة أخرى في برنامج ألعاب 2028، وقال باخ: «إن اللجنة الأولمبية الدولية ستتخذ قرارًا بشأن إدراج الملاكمة في النسخة المقبلة من الألعاب الأولمبية في النصف الأول من عام 2025».
وكانت المساهمة الرئيسة للاتحاد الدولي للملاكمة في باريس هي تنظيم مؤتمر صحافي هدف إلى توضيح سبب استبعاد الجزائرية إيمان خليف، والتايوانية لين يو ـ تينج، من بطولاتها العالمية العام الماضي، وزعم الروسي عمر كريمليف، رئيس الاتحاد، أن الملاكمتين خضعتا لاختبارات جينية تُظهر أنهما رجلان.
وبقرار مخالف لرأي الاتحاد، سمحت لهما اللجنة الأولمبية الدولية بخوض المنافسات، وأعربت عن شكوكها بشأن اختبارات الاتحاد الدولي للملاكمة ودوافعه.
وفازت الجزائرية إيمان بالميدالية الذهبية في وزن 66 كجم، الجمعة، وقالت: «أنا امرأة مثل أي امرأة أخرى، إنهم يكرهوني ولا أعرف السبب».
وأضافت الملاكمة الجزائرية في انتقاد واضح للاتحاد الدولي للملاكمة: «لقد أرسلت لهم رسالة بهذه الميدالية».
كما هدد مسؤولون رياضيون في تايوان باتخاذ إجراءات قانونية ضد الاتحاد الدولي للملاكمة، بعدما حذت لين حذو الجزائرية بفوزها بذهبية وزن 57 كجم.
ويرى الضالعون في الرياضة أن إقصاء الملاكمة من الألعاب الأولمبية سيكون له العديد من الآثار السلبية، ويخلّف عواقب متعددة.
وتخشى الإيرلندية كيلي هارينجتون، التي احتفظت بلقبها في وزن 60 كجم في باريس، أن تسحب الدول التمويل المخصص لبرامج الملاكمة لديها إذا لم يكن هناك أولمبياد يمكن التطلع إليه، وقالت لصحيفة «صن» البريطانية: «لذا فإن هذا سيكون عارًا كبيرًا، أعتقد أن الجميع بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد للحفاظ على وجودها هناك».
ويُذكر أن الملاكمة تعد من أبرز المسابقات في الألعاب الأولمبية الحديثة، وظهرت للمرة الأولى عام 1904، ومنذ ذلك الحين أُدرجت في كافة النسخ التالية، باستثناء عام 1912، ولمعت أسماء لاعبيّن استهلوا مسيرتهم على حلبات الألعاب الأولمبية، منهم، محمد علي، وشوجر راي ليونارد، وفلويد مايويذر، ولينوكس لويس.