|


نديم.. هجر لعبة الأرستقراط.. تدرب في الشوارع.. وظفر بالذهب

الباكستاني أرشاد نديم يرفع علم بلده بعد حصوله على ذهبية رمي الرمح في أولمبياد باريس، الخميس (رويترز)
الرياض ـ بهاء الدين فرح 2024.08.09 | 01:18 pm

يجهل الكثيرون أن رمية الرمح التي قطعت 92.7 متر، ومنحت باكستان الذهب في أولمبياد باريس كانت وراءها قصة تحدٍ عاشها أرشاد نديم، منذ أن بدأ ممارسة تلك اللعبة، في بلد يعشق الكريكيت ونجومه، إلى حد الجنون، فلم يكن يلتفت إليه أحد ولم تعقد عليه آمال.
لكن ليلة الخميس، الثامن من أغسطس، ستبقى خالدة في ذاكرة باكستان بعد أن منحها نديم «27 عامًا» أول ميدالية ذهبية أولمبية لها في لعبة فردية، والثالثة بعد فضية المصارعة في روما 1960، والملاكمة في سيول 1988،.. ذهبية ربما سترسم خارطة طريق لأجيال جديدة من الرياضيين، بعيدًا عن اللعبة الأرستقراطية التي جلبها الإنجليز إلى مستعمراتهم.
ولد نديم في السابع من يناير 1997 في قرية ميان شانو بخانيوال الواقعة بإقليم البنجاب، هو الأخ الثالث من بين ثمانية أشقاء.. كانت طفولته عادية، مارس خلالها الكريكيت، اللعبة الشعبية الأولى في باكستان، وتفوق فيها على مستوى الفئات العمرية، لكنه ما لبث أن رمى مضربه، بعد أن تعرف على لعبة جديدة وجد فيها شيئًا مختلفًا.
«كان أفضل قرار في حياتي.. كنت أعلم أن لدي موهبة طبيعية في ألعاب القوى».. هكذا وصف نديم هجره للكريكيت، فولا ذلك لم يكن ليشارك في الألعاب الأولمبية، ولأنه آن أن يصبح بطلًا.. لكن أن تمارس لعبة غير الكريكيت في باكستان فأنت تغامر كثيرًا، وتسلك دروبًا لن توصلك إلى النجومية، ولن تصنع لك مستقبلًا.
يقول والده في تصريحات سابقة: «ليس لدى الناس أي فكرة عن كيفية وصول نديم إلى هذه المكانة اليوم.. أقاربنا وسكان القرية كانوا يتبرعون له بنفقات سفره إلى مدن أخرى للحصول على التدريب اللازم والمشاركة في الفعاليات الرياضية». لكن لم يكن المال وحده هو العائق، بل عدم توفر الملاعب الحديثة، أو مرافق التدريب المجهزة التي تصنع الأبطال، إلى الحد الذي كان يدفعه للتدرب أحيانًا في فناء منزله والشوارع.
وبعد أن تطورت موهبته بعد عام من ممارسته لها بشكل جاد حصل نديم في 2016 على منحة دراسية من الاتحاد الدولي لألعاب القوى للتدرب لمدة ثمانية أشهر بمركز تابع في موريشيوس، وكانت هذه هي النقلة الكبيرة التي وضعت اللبنات الأولى لبطل سيصنع التاريخ لبلده.
ظهر نديم دوليًا في ألعاب الكومنولث بجولد كوست الأسترالية، أبريل 2018، واحتل المركز الثامن، لكنه عوض ذلك في نسخة بيرمنجهام بإنجلترا 2022، حيث بات أول باكستاني يفوز بذهبية رمي الرمح، وهي أول ميدالية في ألعاب القوى لباكستان منذ 56 عامًا.
تطورت موهبة نديم كثيرًا، فوصل إلى النهائي في أولمبياد طوكيو 2020، وأنهى مشاركته خامسًا، كما أصبح أول باكستاني يتأهل لنهائي سباقات المضمار والميدان العالمية في بطولة العالم 2022 التي حصل فيها على الفضية.
في قريته الصغيرة تسمر السكان أمام شاشة عملاقة لمتابعة ابنهم وهو يتوج بالذهب، ووزع أفراد عائلته الحلوى وسط فرحة غامرة أنستهم همومهم ولو لليلة واحدة.