|


ميلدريد وهيلين.. وجهان أنثويان ميزا لوس أنجليس

الأميركيتان ميلدريد ديدريكسون وهيلين ماديسون «أرشيفية»
نيقوسيا ـ الفرنسية 2024.07.17 | 03:07 pm

الأمريكيتان ميلدريد ديدريكسون، وهيلين ماديسون، وجهان أنثويان ميّزا دورة لوس أنجليس عام 1932، الأولى في ألعاب القوى، والثانية في السباحة.
وعدّت ديدريكسون، وتنادى تحبّبًا «بايب»، أفضل بطلات الميدان والمضمار. أما ماديسون، «حبيبة» الجمهور الأمريكي، فبدا من الصعب أن ينال أحد منها.
«بايب» صبية في سن الـ 19، قادمة من تكساس، تميّزت بقوامها الممشوق، وساقيها الطويلتين، أحرزت لقب سباق 80 متر حواجز، وسجّلت رقمًا عالميًا، مقداره 11.7 ثانية.
نافست الألمانيتين إيلين براومولر، وتيلي فلايشر، في رمي الرمح، وتفوّقت عليهما في المحاولة الأخيرة برمية عالمية، مقدارها 43.68 م. وتجاوزت ارتفاع 1.65 م في الوثب العالي، لكنها اكتفت بالمركز الثاني خلف مواطنتها جين شيلي.
كانت أمنية «بايب» وهدفها الأسمى أن تكون أعظم رياضية. وعلى الرغم من إيقافها لاحقًا من قبل الاتحاد الأمريكي لألعاب القوى بـ«تهمة» استخدام اسمها في إعلان للسيارات، إلا أنها احترفت الرياضة، وبرعت، خاصة في المباريات الاستعراضية في البيسبول «انضمّت إلى فريق بروكلين دودجزر» وكرة السلة وكرة المضرب. وتفوّقت في الغولف فحصدت ألقابًا عدة، وأسّست رابطة اللاعبات المحترفات.
وتزوّجت «بايب» عام 1938 من المصارع اليوناني الأصل جورج زاهاريس. ولم تقف إصابتها بالسرطان حجر عثرة أمام طموحاتها، إلى أن قضت نحبها عام 1956 عن 48 عامًا.
لما سُئلت «بايب» يومًا عن رياضتها المفضلة، استغربت السؤال لأنها تتقن تقريبًا كل الاختصاصات. كانت مميزة في ألعاب القوى والملاكمة والجمباز والتنس، وتستطيع تسجيل 100 نقطة في مباراة لكرة السلة. وتمكنها لياقتها من الانخراط في حصة تدريب مع فريق للرجال لكرة القدم الأمريكية.
تتقن البلياردو وتتميّز قاريًا في مبارياتها، تبرع في السباحة والفروسية، وتصوّب بدقة في البولينج، ولم تترك سباقات الانحدار في التزلج على الثلج تعتب عليها.
وُلدت «بايب» في 26 يونيو 1911 في بورت آرثر «تكساس»، وكانت السادسة في عائلة أنجبت سبعة أولاد. والدها البحّار وجد في مزاولة التدريب البدني والحركات السويدية أولوية يومية. وفي صغرها لم تتسل «بايب» في العرائس بل في رفع الأثقال، ما نمى عضلاتها.
وأسهمت شهرتها الرياضية في حصولها على وظيفة سكرتيرة بشركة تأمين في دالاس، وذلك مقابل الدفاع عن ألوان فريق كرة السلة «دالاس سيكلون» التابع للشركة، فأمنت له الفوز في ثلاث مباريات.
وتقدّمت «بيبي» بمفردها للمنافسة في بطولة الفرق لألعاب القوى التي أجريت في إيفنستون «إيلينوي» المؤهلة نتائجها للأولمبياد. فشاركت في ثماني مسابقات، وفازت في ست منها. فقد حصدت المركز الأول في الـ 80 م حواجز، ورمي الرمح، ودفع الجلة، والوثب الطويل، وفي تسديد كرة البيسبول «كانت تتخطى رميتها الـ 100م»، وتساوت مع شيلي نفسها في الوثب العالي.
وعند جمع نقاط الفرق، كانت حصة «بيبي» بمفردها 30 نقطة، أي أفضل بثماني نقاط من فريق جامعة إيلينوي، الذي حل ثانيًا، ويضم 22 متبارية.
وقتذاك كانت قوانين الألعاب الأولمبية لا تسمح للسيدات بخوض أكثر من ثلاث مسابقات، علمًا أن بايب تأهلت في خمس وبالتالي كانت قادرة على حصد ميداليات أخرى.
قتلت «بايب» مسابقة رمي الرمح إثر سيطرتها من المحاولة الأولى، وفي الـ80 م حواجز عادلت رقمها العالمي في نصف النهائي «11.8 ث»، ثم عززته في النهائي «11.7 ث». وفي الوثب العالي سجلت رقمًا عالميًا أيضًا، وبعد تعادلها مع مواطنتها شيلي «1.65 م»، وضع الحكام العارضة على ارتفاع 1.67 م فتجاوزتها. لكنهم عدوا أن أسلوب «بايب» في القفز مخالف للقواعد المعتمدة، إذ إن رأسها تخطى العارضة قبل جسدها، فمنحوا المركز الأول لشيلي. ترى ألم يلاحظوا ذلك في محاولاتها الأخرى، وعلى ارتفاعات أدنى؟
قبل دورة لوس أنجليس، حطّمت السباحة ماديسون 16 رقمًا على المسافات من الـ100 ياردة إلى الميل، وذلك خلال 16 شهرًا ونصف الشهر «1930ـ1931». لكنها دخلت المنافسة الأولمبية وقد تراجع مستواها قليلًا بعدما خسرت سباقًا للـ50 ياردة أمام مواطنتها إيليونور سافيل «ثالثة الألعاب الأولمبية».
وجاءت الخسارة المفاجئة قبل سباقات التأهيل للألعاب، فانكبّ مدربها على تحسين انطلاقتها بحيث تحقّق مسافة أبعد لدى قفزها إلى الماء.
خلال تمهيديات لوس أنجليس، حقّقت ماديسون «19 عامًا» أفضل خامس توقيت، فانهالت عليها نصائح الجهاز الفني لتفادي انطلاقة سريعة، واعتماد وتيرة تصاعدية في النصف الثاني من السباق.
ويوم الحسم، حققت ماديسون، المولودة في سياتل، رقمًا أفضل بثانية من الهولندية دن أودن «14 عامًا» إذ سجّلت 1:06.8 دقيقة، وليس بعيدًا عن رقمها العالمي «1:06.6 د». ومقارنة مع الدورة السابقة في أمستردام قبل أربعة أعوام، تحسّن الرقم القياسي 4 ثوان «سجلت الأمريكية ألبينا أوزبوفيتش 1:11.10 د».
لكن الأصعب في لوس أنجليس كان سباق 400 م حرة، إذ فازت ماديسون «1.80 م، 57.5 كلج»، الملقبة بـ «الظل الطويل» نظرًا لطول أطرافها «الذراعان والساقان»، بفارق جزء من الثانية أمام مواطنتها لينور كايت «5:28.5 د» وحطّمتا الرقم العالمي «5:31.0 د». كما أسهمت في فوز فريق البدل الأمريكي 4 مرات 100 م «4:38.0 د».