|


مدير النصر.. طباخ الأكلات البحرية.. وعاشق الأفلام والفلامنجو

الرياض - إبراهيم الأنصاري 2024.06.05 | 02:37 pm

لن ينسى أنصار فريق برشلونة الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه إدارة ناديهم، منتصف الثمانينيات الميلادية، عندما أخطأ أحد كشافي النادي الكاتالوني في التفريق بين الشاب الموهوب الصاعد حينها فيرناندو هييرو، وشقيقه الأكبر مانولو، ليظفر غريمهم التاريخي ريال مدريد بالموهبة، ويصبح من أساطير الكرة الإسبانية، وأفضل لاعبي خط الدفاع في تاريخ «الماتادور».
في مقاطعة ملقة، جنوب إسبانيا، وعلى بُعد 529 كيلومترًا عن العاصمة مدريد، وُلِدَ فيرناندو ريز هييرو في مارس 1969 وسط عائلةٍ «متوسطةٍ»، حيث كان والده ريميديوس هييرو لاعبًا في فريق فيلز ملقة، النادي الصغير في البلدة، وعمه كذلك. ولدى فرناندو شقيقان أكبر منه سنًّا، هما أنطونيو ومانويل، وكانا لاعبَين أيضًا في فرقٍ إسبانيةٍ مختلفةٍ.
بدأ الشاب فيرناندو مسيرته مع كرة القدم في النادي ذاته الذي لعب له والده وعمه عام 1980، وبقي فيه أربعة أعوامٍ قبل أن ينتقل لفترةٍ قصيرةٍ جدًّا، لم تتجاوز العام، إلى نادي ملقة للشباب، إذ إن المسؤولين فيه لم يقتنعوا به لاعتقادهم بأنه لاعبٌ ضعيفُ البنية، ولا يملك أي موهبةٍ، فنصحوه بالاتجاه إلى مجالٍ آخر غير كرة القدم، ليعود سريعًا إلى فريق بلدته الصغيرة حزينًا، ويفكر في التفرُّغ للعمل بورشة تصليح السيارات التي كان يعمل بها إلى جانب لعبه مع الفريق.
أشفق الأخ الكبير مانولو، الذي كان حينها نجمًا في بلد الوليد، على شقيقه، وقرَّر إقناع إدارة فريقه، الذي كان يقوده حينها التشيلي فيسينتي كانتاتوري، بالتعاقد مع شقيقه الأصغر، وهذا ما حدث، وسرعان ما شقَّ الشاب طريقه في أقل من عامٍ نحو الفريق الأول، وأصبح من أهم ركائزه.
شارك هييرو في الدوري الإسباني للمرَّة الأولى بعمر 19 عامًا، ولعب موسمين مع بلد الوليد، أظهر فيهما صفاتٍ رائعةً، لفتت انتباه الأندية الإسبانية الكبرى. وكانت مواجهة ريال مدريد في نهائي كأس الملك على وجه التحديد تذكرة عبورٍ للشاب الصغير نحو أكبر أندية «الليجا» التي بدأت تخطب وده.
كان برشلونة مهتمًّا بالتعاقد مع الجوهرة الشابة، لكنه وقع في خطأ كبير بسبب التشابه بينه وبين شقيقه الأكبر مانولو هييرو، الذي تعاقد معه الفريق الكاتالوني موسم 1988ـ1989، وقيل لاحقًا إن هذا كان خطأً من قِبل إدارة نادي برشلونة، وأن الشخص الذي أرادوا التوقيع معه، هو فرناندو الصغير.
كان هييرو على مقربةٍ من الانتقال إلى أتلتيكو مدريد لو لم يُحسِّن ريال مدريد العرض المالي المقدَّم له مقابل الظفر بخدماته، ليقرِّر الشاب ارتداء قميص العملاق الأبيض.
وعام 1989، انتقل هييرو إلى نادي ريال مدريد، وسطَّر برفقته مسيرةً خالدةً، جعلته من أبرز اللاعبين الذين ارتدوا قميص الفريق الملكي، حيث فاز معه بلقب الدوري الإسباني خمس مرَّاتٍ، ولقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرَّاتٍ، وأصبح القائد الأول في قلعة سانتياجو برنابيو، التي ودَّعها نهاية موسم 2002ـ2003 بعد نحو 14 عامًا، لعب خلالها 598 مباراةً بقميص «الميرنجي»، وسجل 126 هدفًا.
بعد مغادرة العملاق الإسباني، توجَّه هييرو إلى قطر، ولعب مع نادي الريان، وقاده إلى الفوز بكأس أمير الدولة، ثم عاد إلى أوروبا، ولعب مع نادي بولتون الإنجليزي موسم 2004ـ2005، وشارك معه في 35 مباراةً، وسجل هدفًا واحدًا، قبل أن يقرر في الموسم التالي تعليق حذائه، واعتزال كرة القدم.
دوليًّا، لعب هييرو مع منتخب إسبانيا 89 مباراةً، سجَّل خلالها 29 هدفًا، وشارك في ثلاث نسخٍ لكأس العالم «1994، و1998، و2002»، إضافةً إلى خوضه كأس الأمم الأوروبية «1996، و2000»، واختير في 1998 أفضل مدافعٍ بأوروبا.
بعد الاعتزال، عمل هييرو مديرًا رياضيًّا في الاتحاد الإسباني، من 2007 حتى 2011، قبل أن يشده الحنين إلى فريق مقاطعته ملقة، ويعمل مديرًا عامًّا للنادي لمدة عام تقريبًا، ثم يخوض تجربةً تدريبيةً قصيرةً في ريال مدريد مساعدًا للمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي موسم 2014ـ2015، ويتولى عقب ذلك تدريب فريق ريال أوفيديو، أحد أندية دوري الدرجة الثانية الإسباني، ويبدأ بعدها مسيرته مع «الماتادور» في كأس العالم 2018 عشية انطلاق المونديال، لكنه أقيل إثر خروجه أمام روسيا، البلد المضيف، في الدور ثمن النهائي.
على الصعيد الشخصي، يصنَّف هييرو بالشخص الذي يصعب التعامل معه بسبب شراسته، وحبه للانتصار، وقد صنَّفته مجلة The Times عام 2007 في المركز الـ 43 لأصعب 50 لاعبَ كرة قدمٍ في التاريخ.
لكنَّ زوجته الأولى سونيا رويز، التي أنجب منها ولدين «ألفارو وكلوديا»، لا تتفق مع تصنيف المجلة الشهيرة لزوجها السابق، وتقول عنه: «هو رجلٌ ودودٌ ومثيرٌ للإعجاب، وممتعٌ، ومسؤولٌ للغاية. في المنزل، يمكنه إطلاق العنان لحبه للموسيقى الإسبانية الشهيرة الفلامنجو، التي يجيد رقصها ببراعةٍ، إضافةً إلى حبه لأفلام الأكشن».
وتضيف: «فيرناندو بارعٌ في إعداد المأكولات البحرية، ويعشق لعبة كرة السلة التي كان يمارسها بشكلٍ متقطعٍ».
وفي أبريل الماضي، احتفل هييرو الجد بحفيده الأول من ابنه البكر ألفارو، قبل أن يبدأ مهمته مع أصفر العاصمة، الذي كان شاهدًا على حسرة جماهيره في النهائي الأخير أمام غريمهم الهلال، وتُعقد عليه المهمة في إيقاف أحزان المدرج الأصفر.