|


مبابي.. «فتى ضواحي» تعلم الانضباط.. فانهالت عليه العروض

باريس ـ الفرنسية 2024.06.03 | 11:53 pm

من فتى يجوب أحياء ضواحي باريس، وجد كيليان مبابي في موناكو، نادي الإمارة الجنوبية، الذي أعدَّه ليصبح حديث العالم ومحط أنظار عشاق الساحرة المستديرة، بعد أن تفتقت موهبته الكروية في غضون أعوام قليلة، ليصبح واحدًا من أبرز صفقات كرة القدم التاريخية، ومتوجًا باللقب الأغلى في تاريخ اللعبة، قبل أن يحول دفته إلى العاصمة الإسبانية ويبدأ فصولًا جديدة مع ريال مدريد.
نشأ مبابي الملقب بـ«كيكي» في مسقط رأسه بضاحية بوندي الباريسية حتى سن الرابعة عشرة، بين والده الكاميروني الأصل ويلفريد الذي كان يعمل مديرًا ومدرّبًا لكرة القدم، ووالدته الجزائرية الأصل فائزة العماري لاعبة كرة اليد السابقة، وتوزّع وقته بين مقرّات التدريب والمدرسة في قرية قريبة.
وبدأت موهبة الفتى كيكي تلفت انتباه الأندية الأوروبية الكبرى، إلا أن موناكو المعروف بصناعة النجوم، تمكّن من إقناع عائلته في 2013 بأن الخطوة الأمثل لتنمية مهاراته وصقلها، ستكون داخل أسوار النادي.
لكن مبابي في بداية مسيرته مع موناكو للتأقلم مع متطلّبات أسلوب الحياة الجديدة، إلا أنه تبدّل رأساً على عقب وغيّر تصرفاته إلى حد كبير، ودخل في السلك المنضبط لتنشئة لاعب كرة قدم محترف.
بقي درب مبابي إلى النجومية مرسومًا في موناكو، حيث لمعت موهبته القائمة على السرعة والسلاسة لمهاجم اعتاد اللعب على الجهة اليسرى، لينقله مدرّب الفريق البرتغالي ليوناردو إلى الفريق الأول ليضع نفسه في أولى درجات الشهرة والتألق.
خاض كيكي مباراته الأولى في الدوري الفرنسي ضد كاين وهو ابن السادسة عشرة من العمر، بعدها بأسابيع سجّل هدفه الأوّل الذي كانت مكافأته توقيع أول عقد احترافي له مع النادي، وفي صيف 2016 استُدعي للمرّة الأولى إلى المنتخب المشارك في كأس أوروبا لما دون 19 عامًا، والذي ساعدت أهدافه الخمسة في الحصول على اللقب.
بعد هذا التألق بدأت العروض تنهال على موناكو للتخلّي عن مبابي، لكن النادي رفض الاستماع إليها، وتمسك بلاعبه الذي بات منذ يناير 2017 عنصراً دائم الحضور في تشكيلته، وكبر تأثيره بشكل تدريجي مع كل مباراة بمساهماته الحاسمة بالأهداف والتمريرات.
في ختام الموسم، كان مبابي قد حطّم الأرقام القياسية لتييري هنري في بدايته مع الفريق، وسجّل 26 هدفًا في مختلف المسابقات، ليساهم في قيادته إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، والأهم إلى إحراز لقب الدوري الفرنسي للمرّة الأولى منذ عام 2000.
دفع هذا التوهج المنتخب الفرنسي الأول لاستدعاء مبابي للمرة الأولى، ما زاد من التوقعات بأن محطة موناكو لن تستمر طويلًا، وهو ما حدث بالفعل إذ عاد إلى العاصمة عبر بوابة باريس سان جيرمان في 2018، في صفقة بلغت 180 مليون يورو وكانت الثانية في تاريخ اللعبة، بعد قدوم البرازيلي نيمار إلى الفريق نفسه مقابل 222 مليونًا من برشلونة الإسباني.
وفي العالم نفسه الذي انتقل فيه مبابي إلى باريس، كان على موعد آخر مع المجد حينما توج مع المنتخب بلقب كأس العالم في 2018 في روسيا، وحصل فيه على جائزة أفضل لاعب شاب، كما بات وهو في سن التاسعة عشرة أصغر لاعب يسجل في نهائي البطولة عندما وقع على رباعية الفوز على كرواتيا «4ـ2».
وكان مبابي على موعد آخر مع التاريخ بإحراز لقب كأس العالم للمرة الثانية تواليًا، قبل أن تتحطم أحلامه بالسقوط في نهائي مونديال 2022 أمام الأرجنتين، التي كان يقودها ليونيل ميسي، زميله في الفريق الفرنسي، فاكتفى بلقب الهداف برصيد 8 أهداف، رافعًا رصيده إلى 12 هدفًا في البطولتين.
في عام 2022 بات مبابي على أعتاب العاصمة الإسبانية، وأصبح انتقاله إلى ريال مدريد وشيكًا للغاية، قبل أن ينجح باريس سان جيرمان في إبقائه في صفوفه، بمساعدة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنه صدم ناديه بعد رفض تمديد عقده وتفعيل العام الثالث الاختياري.
مبابي ودّع باريس وهو على القمة، إذ بات الهداف التاريخي للفريق بـ 256 هدفًا في 308 مباريات، و15 لقبًا، وتوج بهداف الدوري 6 مرات، لكن يبقى أفضل إنجاز له في دوري أبطال أوروبا بلوغ نهائي 2020 أمام بايرن ميونيخ الألماني، الذي خطف البطولة بهدف كينجسلي كومان لاعب باريس السابق.