|


بيدرو إيمانويل.. عقاري ابن عسكري.. فقد بوصلته

الرياض - عبدالرحمن عابد 2021.11.11 | 06:03 pm

40 يوما فقط، جعلته يترنح ويسقط مع قدوم فصل الشتاء إلى الرياض، بعد أن تمتع بسمعته الرائعة، كمدرب فذ حول العالم، وقبلها مدافع صلب لعب 300 مباراة في البرتغال، حقق خلالها كل شيء إلا تمثيل منتخب بلاده، تجسيدًا للمثل اللاتيني الشائع «لا توجد حلاوة غير ممزوجة بالمرارة».



بيدرو إيمانويل، المولود بدولة أنجولا في فبراير 1975، لوالد قادته الصدفة والظروف للسفر إلى العاصمة لواندا لأداء الخدمة العسكرية، ليقع في حب مواطنته ماريا دا كونسيساو، التي كانت تعيش مع أجدادها المهاجرين في المستعمرة الأفريقية، وكانت سببا في بقاء الجندي إيمانويل في أنجولا، حيث تزوجا ورزقا بثلاثة أطفال ساندرا وبولا والصغير بيدرو، وكان الوالد يعمل في مطعم «بتروجال» لتقديم الوجبات ولديه مصنع مرطبات في لواندا يسمى "سان جورج».



بعمر ثلاث سنوات، عاد مع والديه وأجداده إلى البرتغال، لانعدام الأمن بسبب الحرب الأهلية عام 1978، تاركين كلبهم الألماني نيرو، والمشاريع التجارية والمنازل المميزة المطلة على الشاطئ، حيث استقرت الأسرة في ريو تينتو، وهناك اتجه الأب للعمل في مجال المخابز والمعجنات، إلى أن افتتح مصنعا لإنتاج الكعك والمعجنات، بينما كانت تعمل الأم موظفة حكومية في قطاع الخدمات الإدارية بمدرسة جوندومار الإعدادية.



يعتقد بيدرو أنه كان محظوظًا بوجود ملعب البلدية على بعد 100 متر من المنزل، إذ أنه في السادسة مساء كان يذهب ليستكشف موهبته مع ساحرة القلوب، ضاربًا بتحذيرات الآباء عرض الحائط، مما كان يكلفه العقوبات التي يكرهها الأطفال بعد التأخر في العودة إلى المنزل، ولأنه كان طفلًا مفعمًا بالنشاط وكثير الحركة، أرسلته الوالدة إلى النادي ليمارس رياضة السباحة، لكنه اكتفى بأسبوع واحد مع تمارين السباحة، وذلك لتعلقه الشديد بكرة القدم.



لا ينسى أبدًا أن شقيقته الكبرى، كانت أول من يقدم له الدعم المادي والمعنوي، حين أخذته وهو طفل عمره 6 أعوام– دون علم الأبوين -، ليؤدي اختبارات ناديه المفضل بورتو، لكن صعوبة ذهابها معه يوميًا، تسبب في تحوله إلى أكاديمية بوافيشتا، بتوصية من الصديق الصدوق للوالد خوسيه فيرنانديز، أمين صندوق النادي آنذاك.



واجه مشاكل كفيلة بتحطيم أي مراهق حين وضع قدمه على أول السلم مع فريق بوافيشتا تحت 11 عامًا، والسبب كما يروي في مقابلة مع شبكة تربوينا إكسبريسو: «أمي لم توافق في البداية، قبل 30 عامًا لم تكن كرة القدم موضع تقدير في مجتمعنا، عكس الآن فالجميع يحلم بكريستيانو رونالدو في منزله»، فيما كان الوالد متفقا معه، لشغفه باللعبة كأغلب الشعب البرتغالي.



تغيرت نظرة وطريقة تعامل الوالدة مع بيدرو، بعد توقيعه على أول عقد احتراف بعمر 16 عاما، وحصوله على ما يعادل 250 يورو حاليا، وأيضًا راتب الأم بعد 20 عاما في الوظيفة الحكومية، مع ذلك، كان يحرص على تسليم كل شيك لها، وكانت تحتفظ بالمال، ولا تعطيه أي شيء إلا لشراء الملابس والأحذية، إلى أن جمع ما يكفي لشراء أول سيارة في حياته، وكانت فورد فيستا في نهاية موسم إعارته الأولى لفريق ماركو.



بعد ثلاث إعارات ناجحة مع ماركو أو أوفارينس أو بينافيلف، منحه المدرب فيليبوفيتش فرصة العمر، ليقدم شهادة اعتماده كشاب يستحق مكانًا في التشكيلة الأساسية لبوافيشتا بداية من موسم 1996 -1997، وبعد رحيل المدرب الذي يصفه "بالنبيل"، جاء باتشيكو، ليقضي معه سنواته الخوالي مع النادي، إلى أن توج بالدوري في أول موسم في القرن الجديد، وبعدها فضل الانتقال إلى بورتو على حساب أودينيزي الإيطالي وألافيس الإسباني، ليحصد معه كل البطولات المحلية والقارية، أشهرها كأس الاتحاد الأوروبي ودوري أبطال أوروبا مع جوزيه مورينيو إضافة إلى مباراة كأس «إنتركونتينينال»، التي حسمها بنفسه بتنفيذ ركلة الجزاء الأخيرة في مرمى اونس كالداس.



اكتشف جيناته التدريبية في موسمه الأخير كلاعب مع بورتو عام 2009، ليتسلم وقتها تدريب شباب النادي، وبعد عامين التقطه فيلاش بواش، ليعاونه في الجهاز الفني للفريق الأول، حين استحوذ بورتو على كل البطولات المحلية بجانب اليوربا ليج، قبل أن يتحول كرجل أول مع أكاديميكا في الفترة بين عامي 2011 و2013، حيث قاده للفوز بأول لقب كأس منذ أكثر من 4 عقود، بانتصار درامي على سبورتنج لشبونة عام 2012، وبعد بتجربتين محليتين مع أروكا وإيستوريل برايا، أثرى سجله المهني مع ليماسول القبرصي، الذي قاده للفوز بالكأس وكأس السوبر، وأيضا عمله مع ألميريا الإسباني والعين الإماراتي، وبينهما سطر التاريخ مع التعاون السعودي، بالفوز بكأس خادم الحرمين الشريفين 2019، وجائزة أفضل مدرب في السعودية.



تعرف على زوجته سوزانا التي تشرف على عيادة للعلاج طبيعي، إذ التقى بها أول مرة في احتفال صديقه بعيد ميلاده في مطعم ليكا، وانتهت القصة بزواج كاثوليكي أسفر عن دانييلا وشقيقها الصغير برونو، فيما يعتقد أنه كان سيتجه إلى مهنة التدريس، إذا لم يفضل كرة القدم على دراسته في المحاسبة والإدارة، بينما يضعف صاحب الـ46 عاما أمام الجلسات العائلية التي يعدها رأس ثروته، جنبًا إلى جنب مع العقارات وعيادات العلاج الطبيعي، فيما يبقى حلمه الكبير هو التدريب في إنجلترا، فهل يحققه بعد أن استغنى عنه النصر مؤخرًا بسبب سوء النتائج؟.