|


أسامة هوساوي.. كلبش خصومه.. من مكة إلى فرنسا

الرياض – عبدالرحمن عابد 2021.09.16 | 02:34 pm

أسمر نحيل، طباعه هادئة، وأخلاقه عالية، لا يمكن استفزازه مهما اشتدت حرارة اللعب، متجاهلا الصحافيين إذا حاولوا استدراجه إلى المناطق الرمادية، بينما امتلك مزيجا دفاعيا مذهلا قبل اعتزاله الكرة، أشبه بشراسة جميل والخليوي، وأناقة مالديني ونييستا، آنذاك كلما اقترب مهاجم من مرماه، حذّره بالمثل المكاوي الشهير القائل: "الحجر من الأرض والدم من راسك".



ولد أسامة هوساوي في 31 مارس 1984، بمدينة رأس الخيمة الإماراتية، حيث عمل والده منتدبًا في مجال التعليم، بيد أن مدينة اللؤلؤ الثمين لم تترك ذكريات كثيرة في ذهن الطفل الذي سرعان ما عاد إلى مكة المكرمة، محظوظا ببركة الأرض الطاهرة والأماكن المقدسة. هناك وجد الفتى نفسه في بيت علم، فوالده إمام مسجد ووالدته حافظة لكتاب الله وتدرسه في تحفيظ القرآن، وذلك انعكس فتميز بالهدوء، رغم انتشار ألعاب الكبت والمزمار والبرجون في حارته.



معظم صغار المكاويّين الذين ركلوا الكرة بالملاعب الترابية، في جرول والتيسير والقشلة وشارع منصور والمعابدة والمسفلة، نجحوا بالانضمام إلى فريقي حراء أو الوحدة، بينما استقبل الأخير القابع في البحيرات أسامة خلال وقت مبكر، قبل أن يتدرج في الفئات العمرية حتى الفريق الأول، ومن حسن حظه فقد درّبه وقتها الألماني بوكير الذي يعدّه هوساوي الأب الروحي، بعد أن حوّله من مدافع عادي إلى صمام أمان، محققا مع رفاقه عيسى المحياني وناصر الشمراني وعلاء الكويكبي، المركز الثالث في الدوري السعودي 2007.



هوساوي الذي تميز بصراحة ورّطته كثيرًا، لم يجد حرجًا في إعلان رغبته الانتقال لنادي آخر يحقق طموحاته، وظن أن الأمر سهل لكنه فوجئ بتمسك جمال تونسي رئيس الوحدة بخدماته، حينها دخل الاتحاد منافسا قويا لاستقطابه مقابل 18 مليون ريال كي يخلف رضا تكر قبل تقاعده، وريثما جرى اتفاق مبدئي وارتدت كافة الأطراف الوشاح المقلّم بالأصفر والأسود، تدخلت لجنة الاحتراف في اتحاد القدم، ووضعته على قائمة الانتقال لمدة شهر في قضية اشتهرت باسم "فتح المظاريف"، إلى أن خطفه الهلال مقابل 13 مليون ريال شتاء 2008.



داخل الهلال لم يشعر هوساوي، بأي غرابة فكما صنع ثنائية مع زميله سليمان أميدو في الوحدة، شكّل مثلها ماجد المرشدي فأصبحا خط دفاع صلب لا ينفذ منه كثيرون رغم تشكيك بعض الجماهير فيه، إذ حل مكان البرازيلي تفاريس صاحب الأثر الخالد في عقول مشجعي أزرق الرياض ، ولم يكد يمر عام واحد حتى أصبح القائد الثاني للفريق بعد الحارس الأخطبوطي محمد الدعيع، ومشتهرا بلقب حديدي في المدرجات يدعى "أبو كلبشة".



انفتحت شهية هوساوي مرة أخرى في شتاء 2012، لكن جماهير الزعيم رفضت رحيل قائدها، وحين صمم تلقّى سيلا غاضبا من الردود التي وصلت إلى مطالبة إدارة النادي بعدم الالتفات إليه، قابلها بعبارة: "لن أنساكم". بعدها وجد ترحيبا يليق به في بروكسل، إذ وصفه مدرب أندرلخت البلجيكي، أرييل جاكويس، بأنه عقلية سعودية ممتازة، وهو ما أكده 3 مدربين آخرين هم إيريك جيريتس وجورج ليكينز وفرانك ريكارد، وحين سُئل الأخير هل سيتحمل الوافد الجديد ضغط المباريات ضحك قائلا: "هذا رجل يلعب أمام 50 ألف شخص كل أسبوع في المملكة".



لكن هوساوي الذي انتقل بزوجته وطفليه إلى فنادق بروكسل، محاولًا تدبير حياته بلغة إنجليزية رديئة جعلته يندم على إهمال دراسته صغيرًا، فلم يجد ذلك الترحيب فور تولي الهولندي جون فان دين بروم مهمة تدريب أندرلخت، ليتجاهل القائد السعودي لثمانية أشهر، رغم انتزاع الكتيبة البنفجسية كأس السوبر على حساب جينك. ليعود مجددا في شتاء 2013 إلى السعودية مرتديا قميص الأهلي مقابل 34 مليون ريال، ومستعيدا لقب الدوري الغائب عن خزائن القلعة الخضراء منذ نحو 30 عاما.



بعيدًا عن الأندية، لبى هوساوي بفخر نداء البرازيلي أنجوس للمشاركة في خليجي أبوظبي، والتي خسرتها السعودية بقذيفة الإماراتي إسماعيل مطر، ثم كأس آسيا 2007 رفقة وليد عبدربه وأحمد الموسى وعبدالرحمن القحطاني ومالك معاذ، والذين أيضا هزمتهم رأسية العراقي يونس محمود، واستمر الإخفاق في بلوغ مونديال 2010 بسبب البحرين، ومع ذلك تمكن صاحب القميص رقم (3) من قيادة الصقور بمونديال موسكو 2018 أمام روسيا والأوروغواي ومصر.



أنهى أسامة هوساوي مسيرته في شتاء 2018، بحوالي 140 حرف، في 5 تغريدات بصفحته على تويتر، أتبعها بشهادة دبلوم فيفا للإدارة الرياضية من القاهرة، وحاليا يعيش صاحب الـ37 عاما حياة هادئة مع زوجته وولديه ياسر وإبراهيم وسط أقليم أندر، حيث استعان بقدراته الفنية نادي شاتورو الفرنسي المملوك لرجل الأعمال السعودي الأمير عبدالله بن مساعد، والذي يحلم بأن ينقل "أبو كلبشة" وغيره من السعوديين إلى ملاحم أوروبا الكبرى.