|


كورنادو.. ملك الابتسامة.. لا يخاف الحيوانات المفترسة

الرياض - عبدالرحمن عابد 2021.07.18 | 03:29 pm

وسامته الأوروبية لا تشبه أصوله اللاتينية، وابتسامته الهادئة لا تفارق وجهه، والتي ربما تخدع منافسيه الذين يتفاجؤوا باختفائها داخل الملعب، فهو عبارة عن شعلة من الحماس، يراوغ بقوة ويكتم غضبه بصعوبة عند ضياع الهدف، باحثا عن ثغرة تمكنه من هز الشباك، فيما يرفع دوما شعار لا للهزيمة، فالمحارب يعمل بالمثل البرازيلي القائل: الرجل الذي يطور نفسه.. ولد مرتين!.



ولد إيجور كورنادو يوم 18 أغسطس 1992، في لوندرينا شمال ولاية بارانا البرازيلية، حيث رائحة البن تنشر في المدينة التي أسسها رواد الأعمال البريطانيون مطلع القرن العشرين لتصبح محطة نقل حبوب البن السمراء، مُطلقين عليها لوندرينا أي «لندن الصغيرة» قبل أن تتحول المدينة بعد ذلك لأهم المراكز التجارية والسياسية والثقافية في شمال بلاد السامبا، هناك أيضا حيث يعيش البرازيليون بمختلف عروقهم الإسبانية والإيطالية والألمانية والأفريقية.



لم يكن أمام كورنادو سوى أن يصبح لاعب كرة قدم، ليس فقط لكونه من البرازيل التي يتعلم فيها الأطفال ركل الكرة بمجرد أن يحبوا على أيديهم، بل لأن والده كان لاعبا في عدد من الأندية المحلية، وقد وقع الفتي الصغير في حب الساحرة المستديرة وهو يرى أبيه يركض ويسجل أهداف ويخضع لتمرينات شاقة، وعلى خطى أبيه بات إيجور يلعب في المدرسة والأزقة الضيقة وفي الملاعب التي تدرب فيها والده، ولاحقًا في مقابلة على قناة دوري الخليج العربي بـمنصة يوتيوب، أجاب على سؤال لو لم يكن لاعب كرة قدم ماذا كنت تتمنى فقال: لا أعرف لم أفكر في نفسي إلا لاعب كرة قدم.



لم يكن طريق كورنادو سهلًا فالعقبات كثيرة، فحين وصل سنه إلى الخامسة عشر كان والده مضطرًا للسفر إلى إنجلترا بحثًا عن لقمة العيش بعد تعذر تحقيقه لنجاح ملحوظ في عالم الساحرة المستديرة، وهناك انضم الفتى الصغير إيجور إلى أكاديمية نادي ميلتون كينز دونز الإنجليزية في سن 15 عام 2007، وقضى فيها ثلاثة أعوام حلم فيهم بالمجد الكروي في بلاد الإنجليز قبل أن يُفاجيء بتسريحه في عام 2010 وهو ابن الثمانية عشر عام لأنه لم يكن جيدًا بما يكفي حسب رؤية أكاديمية ميلتون.



لكن المحارب وهو معنى اسم "إيجور" في اللغة البرازيلية لم يستسلم، فسرعان ما بحث عن البديل، فأنضم لنادي جراسهوبرز السويسري لفترة وجيزة قبل أن يعود إلى بريطانيا العظمى من خلال بوابة نادي بانبري يونايتد في دوري الدرجة السابعة. وفي الوقت الذي ظنّ فيه كثيرون أن إيجور على خطى أبيه سيظل يلعب في أندية محدودة حتى يتقاعد، فاجئ الجميع عام 2012 بظهوره مع فلوريانا المالطي بالدوري الممتاز، مسجلا آنذاك 32 هدفا في 63 مباراة ويتوج بالكأس وجائزة أفضل لاعب أجنبي، وبسبب برودة الأجواء شتاء غادر الجزيرة الصغيرة الواقعة في البحر الأبيض المتوسط.



في 2015 كان كورنادو على موعد مع الكرة الإيطالية التي يشجع فريقها العريق نادي إنتر ميلان، حين انتقل إلى نادي تراباني صيفا ومعززا موقفه كلاعب مسلح بأثقل المهارات الكروية كخط وسط مهاجم، ثم انتقل إلى باليرمو الإيطالي صيف 2017، وبفضل إبداعه هناك انهالت العروض عليه، والمثير أنه اختار منطقة الشرق الأوسط وجهة جديدة له كونها تلاءم مزاجه الحار، وهذا ما حدث بعد ارتدى القميص الأبيض لنادي الشارقة الإماراتي في 2018، ويصف تجربته: "عند دخولك دوريًا جديدًا فأنت تريد دائما إظهار جودتك". وبالفعل استطاع قيادتهم إلى لقب الدوري الإماراتي بعد غياب 23 عاما.



لم يخطر على بال كورنادو أن يقع في حب العرب وأكلاتهم الدسمة، بعد أن كان مكتفيا بالأرز واللحم والبطاطا وحفلات الشواء، بيد أن زوجته الرائعة كارين عاشقة الشوكولاتة أقنعته بعكس ذلك، لا سيما وأنهما أحبا بعضهما منذ بداية العشرينيات فيما أنجبا طفلهما الصغير إنريكو، والذي يتمنى صانع الألعاب صاحب الــ29 عاما، أن يصبح ابنه مثل الظاهرة البرازيلية المهاجم رونالدو الذي يراه الأفضل عبر التاريخ، أما عن قدوته الكروية فيعتقد إيجور البالغ قيمته السوقية 5.5 مليون يورو، أن رونالدينيو صانع ألعاب باريس وبرشلونة السابق يعدّ مثله الأعلى.



يعتبر نفسه شخصا عائليا جدًا، يقضي معظم أوقات الفراغ مع زوجته وابنه وكلبهما، ويزوره أبويه باستمرار سنويا، كما يلعب البلايستيشن ويقود كافة السيارات الرياضية التي حلم بها صغيرا، ويذهب باستمرار إلى كورنيش الفجيرة الساحر، ورغم أنه يداعب صغار الأسود والنمور والدببة التي يملكها صديق خليجي، إلا أنه يحذر الجميع بتجنب اللعب مع الحيوانات المفترسة، فهل يستطيع كورنادو اللعب مع نمور جدة وانتزاع كأس آسيا بعد انتقاله إلى الاتحاد كما فعل مواطنه تشيكو؟.